Tuesday, July 31, 2007

شوية حرية

البداية كانت المعونة الأمريكية مقابل الصداقة المصرية، والصداقة لم تكن بالطبع خالصة لوجه الله، كان المطلوب من مصر أدوارا محددة مع الإسرائيليين والفلسطينيين ومع الخطة الأمريكية في الخليج والعراق.
ثم فجأة ولأسباب تتعلق أيضا بما أسمته واشنطن استراتيجية مكافحة الإرهاب الإسلامي بعد 11 سبتمبر بدأت الولايات المتحدة تطلب أدوارا من أصدقائها من بينها تغييرات جذرية في القوانين والتشريعات الخاصة بالتعليم والثقافة والاقتصاد والمجتمع المدني بما يتفق مع الخطة الأمريكية لمواجهة منابع الإرهاب علي طريقتها ولكن الخطة حملت في طياتها تهديدات لأنظمة الحكم المستقرة منذ عقود طويلة في المنطقة ..«وعصلجت» مصر وأبدت تمردا وإصرارا علي الهامش الضيق من ديمقراطيتها الشكلية التي لم تسمح إلا بسيطرة الحزب الوطني ورجاله علي مقاليد الأمور، الديمقراطية تعطي النظام الحق في سجن معارضيه ومحاكمتهم عسكريا في أي وقت.
وبدأت أمريكا تطلب مقابل المعونة طلبات أخري تكشف عن قصور نظر وضيق أفق شاركها فيه للأسف مصريون تصوروا أن أمريكا تستطيع بالتلويح بتخفيض المعونة أن تفرج ـ مثلا ـ عن أيمن نور أو تطلق يد سعد الدين إبراهيم باللعب بنار الأقليات.. الأقباط والنوبة والشيعة والقرآنيين وغيرهم.
وللأسف فإن هذه القنابل الصغيرة قد تزعج النظام مؤقتا لكنها تدفعه للمزيد من الشراسة ولن ترغمه علي الإصلاح الديمقراطي أو الاستجابة لمطالب المعارضة أو توقفه عن تزوير الانتخابات، وربما أغرت الضغوط الأمريكية في الإفراج - سابقا - عن سعد الدين إبراهيم من يتصورون الآن أنها قد تنجح في الإفراج عن أيمن نور، وصور اللقاءات التي تنشر لجميلة إسماعيل مع وفود الكونجرس (التي يلتقطها الأمن ويسجلها في كل مرة) يبعث إلي الناس رسالة عكسية تقول إن أيمن نور يلعب لعبة أمريكية للإفراج عنه وأن قصة متاعبه الصحية مشكوك فيها، وهنا فإن جميلة إسماعيل وأنصارها يخطئون في الرهان علي أمريكا ولا بديل أمامهم إلا رهان علي الرأي العام المصري وتحويل القضية إلي موضوع داخلي.
أمريكا لها أهداف أخري غير الإفراج عن أيمن نور وهي تمارس كل الألعاب للضغط علي النظام وأيمن نور مجرد ورقة صغيرة وللأسف استطاعت أمريكا أن تحرقها، والأشرف الآن أن ينهي أيمن نور العقوبة التي قضي نصفها ثم يخرج بطلا بدلا من أن يقول الناس إن أمريكا هي التي أخرجته،.. وهنا سوف يسأل الجميع: ماذا كان الثمن؟!

الكاتب الصحفي الكبير محمد الشبة

No comments: